فصل جديد من فصول جدلية "الأمان أو الخصوصية" يبدأ بعد أن رفضت شركة آبل الامتثال لأمر المحكمة الأمريكية الصادر بخصوص وجوب تأمين الشركة منفذا خفيا لأجهزة الآيفون الخاصة بها لصالح لمكتب التحقيقات الفيدرالي FBI.
وبرسالة لاذعة من المدير التنفيذي لشركة آبل Tim Cook نشبت مواجهة غير مسبوقة بين شركة التكنولوجيا والحكومة، هذه المواجهة تمثلت بصفحة جديدة في كتاب المعركة المحتدمة منذ فترة بين شركة أبل ومكتب التحقيقات، أما نتائج هذه الحرب فستحدد مسار التشفير (encryption) لسنين عديدة قادمة.
كل ما عليك معرفته حول هذه المعركة ستجده ضمن هذه التغطية الشاملة.
أولا: مالذي يريده مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI؟؟
بشكل أساسي ما يريده المكتب هو كسر رمز المرور على أحد أجهزة iPhone 5C والذي تعود ملكيته إلى أحد الإرهابيين المتورطين في حادثة هجوم سان برناندو الإرهابي عام 2015.
المشكلة أن مكتب التحقيقات لا يمتلك كلمة المرور وانطلاقا من أحد الميزات التي توفرها آبل لأجهزة iPhone يخشى مكتب التحقيقات بعد القيام بعشر محاولات فاشلة لكسر القفل أن يمسح الجهاز البيانات المخزنة عليه.
لذلك أمر قاض شركة آبل يوم الثلاثاء الماضي بما سماه "مساعدة تقنية منطقية"، تتلخص هذه المساعدة بثلاثة أشياء: في البداية على شركة أبل أن تتجاوز أو تعطل ميزة المسح التلقائي على الجهاز، ثم السماح لمكتب التحقيقات FBI بإدخال كلمات مرور إلكترونيا عبر جهاز آخر موصول إلى الآيفون المطلوب، هذه ليست النهاية بل على شركة أبل أيضا أن تضمن عدم فرض الجهاز أي تأخيرات زمنية بين المحاولة والأخرى.
ثانيا: إصدار خاص من نظام التشغيل iOS
ما يطلبه مكتب التحقيقات فعليا من أجل تنفيذ الخطوات الثلاث المذكورة أعلاه هو أن تقوم شركة آبل بإصدار نسخة خاصة من نظام تشغيل iOS بهدف استرداد جهاز الآيفون المطلوب.
أمر المحكمة يشير إلى أن البرمجية المراد إنشاءها قد تمتلك القدرة للتعرف على الجهاز المشفر من قبل شركة آبل بحيث لا تعمل هذه النسخة المعدلة سوى على هذا الجهاز، أما عن عملية تحميل هذا الإصدار الخاص من iOS فمن الممكن أن يتم من خلال وضع ترقية فيرموير الجهاز (Device Firmware Upgrade) أو من خلال وضع الاسترجاع (recovery mode) أو أي وضع آخر يكون عمليا لدى مكتب التحقيقات.
على أية حال هذا يقود لمزيد من التعقيد لأنه يضع شركة آبل أمام مطالب من مكتب التحقيقات لبناء الـfirmware المطلوب وذلك لأن جميع أجهزة الآيفون مصممة لتعمل بنظام iOS من شركة أبل فقط، وبالتالي ليميز الجهاز أن النظام البرمجي المستخدم هو نظام مصمم من قبل شركة أبل تقوم الشركة بتزويد كل قطعة بتوقيع مشفر يتم تأكيده، وعليه حتى وإن تمكن مكتب التحقيقات من بناء النظام لوحده لن يتمكن من تنصيبه على الجهاز إن لم يتحصل على التوقيع من الشركة.
وسواء تم تثبيت النسخة الخاصة من نظام التشغيل في منشأة حكومية أو منشأة تابعة لشركة آبل، سيتمكن مكتب التحقيقات الفيدرالي من التحكم بجهاز الآيفون عن بعد.
ثالثا: لماذا ترفض شركة آبل الامتثال لأوامر المحكمة؟؟
في رسالة كتبها المدير التنفيذي Tim Cook موجهة لعملاء الشركة قال أن مطلب الحكومة وأمر القاضي يحمل معه "تأثيرات أبعد من القضية القانونية بين أيدينا"، ويضيف أن الأمر القضائي في الواقع يطلب من مهندسينا الذين عملوا جاهدين لضمان أن الجهاز آمن ومشفر القيام الآن بإضعاف وسائل الحماية هذه وهو الأمر الذي يمنح مكتب التحقيقات الفيدرالي بابا خفيا لأجهزة آيفون وهو ما وصفه Tim Cook بـ "سابقة خطيرة" تضع بيانات المستهلكين تحت تهديد القراصنة ومجرمي الإنترنت.
التخوف الحقيقي من مثل هذه الخطوة تكمن فيما عبر عنه المدير التنفيذي لشركة آبل Tim Cook بأن كسر التشفير حتى وإن كان لجهاز واحد فقط يعني كسر ثقة المستهلك، فضلا أن كسر التشفير سيفتح الباب أمام حكومات أخرى تطالب بسامحية دخول مماثلة من الشركة أو من أي شركة تقنية أخرى بناء على دوافع قد لا تكون بضرورة مبنية على قضايا الإرهاب.
المصدر: http://www.syr-res.com/?260f
الترجمة: منذر المحمد
التدقيق: زينب الحامر
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق